تُعد لوحة “الكابوس” (1781) للفنان السويسري-الإنجليزي يوهان هاينريش فوسلي من أشهر الأعمال الفنية في تاريخ الرسم الأوروبي، وأيقونة تُجسّد لأول مرة فكرة “الرعب” في الفن. على الرغم من أن اللوحة لم تكن جزءًا من حركة فنية منظمة، إلا أن أهميتها تكمن في قدرتها على التعبير عن الخوف واللاوعي والجانب المظلم من الرومانسية، مما جعلها عملًا فنيا رائدًا في عصره. لقد أثّرت لوحة “الكابوس” بشكل كبير على العديد من الحركات الفنية اللاحقة، خاصة السريالية، التي ركزت على استكشاف الأحلام والعقل الباطن. لقد أثبت فوسلي أن الفن يمكن أن يكون أداة للتعبير عن الخوف والغموض والمشاعر الداخلية، مما مهد الطريق لظهور فنانين مثل سلفادور دالي وغيره.
كانت الحركة الرومانسية في الفن حينئذ تُركز على العاطفة والحرية والطبيعة. لكن فوسلي اختار أن يُظهر الجانب المظلم والمُقلق من هذه الحركة. وبدلاً من تصوير الجمال المثالي، صوّر لوحة تُعبر عن الخوف واللاوعي. هذا النهج كان ثوريًا في عصر كان فيه الفن يميل إلى المثالية.
اللوحة مليئة بالرموز التي تُثير العديد من التفسيرات: فتظهر امرأة في وضعية مُسترخية، لكن وجهها يُعبر عن المعاناة، وكأنها في حالة شلل النوم. أما الكائن الشيطاني فيجثم على صدر المرأة كائن غريب، يرمز للكابوس أو الشياطين التي تُهاجم الناس في أحلامهم. كما يظهر رأس حصان بقرنين وعينين مضيئتين يطل من خلف الستارة، ذهب المحللون إلى أنه يرمز إلى الخطيئة أو القوة الحيوانية.
وعلى الرغم من أن اللوحة رُسمت قبل قرن من ظهور التحليل النفسي، إلا أن العديد من المحللين، بمن فيهم سيغموند فرويد، قد اهتموا بها. واعتبرت تجسيدًا مبكرًا للأفكار التي طرحها فرويد لاحقًا حول الأحلام واللاوعي، وكيف يمكن للعقل الباطن أن يُعبّر عن نفسه من خلال الصُّور المُرعبة.