تُعد لوحة “الطفل الباكي”، التي رَسَمها الفنان الإسباني جيوفاني براغولين في خمسينيات القرن العشرين، واحدة من أشهر اللوحات في التاريخ، لكن أهميتها لا تكمن في قيمتها الفنية بالدرجة الأولى، بل في أسطورة اللعنة التي أحاطت بها لعقود عديدة. كانت هذه القصة الغريبة حول لعنة اللوحة هي ما جعلها أيقونة ثقافية تحظى بشهرة واسعة، ولكنها في نفس الوقت تُثير الكثير من الجدل.
فاقَم الأمر أن اللوحة لم تُعرَض في المتاحف الكُبرى، بَل انتشرت بشكل واسع بين الجماهير في صورة نسخ مُقلدة (Prints) وبيعت في المحلات والمتاجر في جميع أنحاء أوروبا، خاصة في بريطانيا. هذا الانتشار التجاري هو ما جعلها موجودة في كل منزل تقريبًا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. لقد رَسَم “جيوفاني بْراغولين” العديد من اللوحات لأطفال باكين، وكانت هذه اللوحات تحظى بشعبية كبيرة في ذلك الوقت. لقد تميّزت اللوحة بأسلوب واقعي وعاطفي، حيث تُظهر طفلاً بعُيون مَليئة بالدُّموع، مما يُثير تعاطف المُشاهد، وتحمّس لاقتناء نسخ منها.
أسطورة اللعنة
في عام 1985، بدأت صحيفة “ذا صَن” البريطانية في نشر تقارير عن ظاهرة غريبة: لوحات “الطفل الباكي” كانت تظهر بشكل مُتكرر في منازل مُحترقة بناء على شهادات من رجال الإطفاء، لكن اللوحة نفسها كانت تنجو من الحريق بشكل كامل. أثارت هذه التقارير حالة من الهَلَع، وبدأت أسطورة اللعنة تُحيط باللوحة وتجلب النحس لأصحابها. وفي الشهور اللاحقة قامت صحيفة “ذا صَن” وعدد آخر من صحف “التابلويد” بنشر سلسلة من التحقيقات حَول أناس كان يمتلكون اللوحة وتعرّضوا لاحتراق منازلهم.
وعلى الرغم من أن السلطات لم تجد أي دليل يربط اللوحة بالحرائق، فإن الأسطورة استمرت. تحوّلت اللوحة من مُجرد عمل فني إلى ظاهرة نفسية واجتماعية. وأصبح الناس يتخوّفون منها، وامتنع الكثيرون عن اقتنائها. وفي عام 2007 كشف دكتور ديفيد كلارك وهو باحث وكاتب صحفي أن هذه المزاعم غير صحيحة وأنها مُجرد فرقعة من أحد مُحرّري جريدة “ذا صَن”.
تُعد هذه القصة مثالًا على كيفية تحوّل عمل فني بسيط إلى رمز للخوف والغموض بسبب الإعلام والشائعات، كما أصبحت تُستخدم في المراجع الأدبية والسينمائية كرمز للغموض والأسرار العائلية والخرافات.